الصحافة

“السّلاح” بين بيروت وطهران

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

طغت “أخبار” زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المفاجئة لواشنطن، والاجتماع الأميركي – الإيراني المرتقب يوم السبت في عُمان، على نتائج زيارة نائبة المبعوث الأميركي مورغان أورتاغوس لبيروت، ولقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين. في ذروة الضغط الأميركي على لبنان في ملفَّيْ نزع سلاح “الحزب” وإقرار الإصلاحات الضرورية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سعي إدارته إلى تفادي أيّ صدام مع طهران، كاشفاً أنّ واشنطن “تُجري حاليّاً محادثات مباشرة مع إيران، وقد بدأت فعليّاً وستستمرّ حتّى يوم السبت، والتوصّل إلى اتّفاق مع إيران هو المفضّل لدينا”، فيما أكّد وزير الخارجية الإيراني عبّاس عراقتشي أنّها ستكون “مفاوضات غير مباشرة”، واصفاً إيّاها بـ “الفرصة”.   

منذ سنوات يراهن كُثر على أنّ الحلّ المستدام والشامل للداخل اللبناني، العابق بأزماته، لن يكرَّس إلّا بعد التوصّل إلى تسوية أميركية-إيرانية شاملة يكون لبنان جزءاً منها. في الأيّام الماضية تراكمت محفّزات هذا التقارب، واحتمال “نجاة” المنطقة من حرب “عظمى” ستحصل إذا نفّذ ترامب تهديداته بضرب طهران، وهو ما يُشكّل امتداداً للتسونامي الذي يضرب المنطقة.

لبنانيّاً، تأهّب المحوران. المحور الداعم لـ”الحزب” الذي يجزم أنّ أيّ تفاوض لن يأتي على حساب سلاح “الحزب” وهيكلية المقاومة العسكرية، خصوصاً مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية التي لا سقف زمنيّاً وعسكريّاً لها، ومحور خصوم “الحزب” الذي بات يتصرّف على أنّ “اللحظة الدولية” قد حانت بصدور القرار الكبير من إيران بالتفاوض “على رأس الحزب”، أو ستفرض واشنطن هذا المسار بالقوّة.

نعم… ولا

تحديداً في هذا الإطار هناك من يقدّم تفسيراً للمقاربة المتمايزة التي اعتمدتها أورتاغوس في زيارتها الأخيرة للبنان، والتي ذهبت فيها إلى حدّ الجزم أن “ليس هناك جدول زمني للانسحاب” تفرضه واشنطن، بل نريده  as soon as possible، وهو تعبير مطّاط، مع التلويح بـ “فضّ الشراكة” بين واشنطن ولبنان إذا لم يحصل تعاون فعليّ لنزع السلاح وإنهاء الأعمال العدائية والقضاء على الفساد، لكن على قاعدة أنّ “لبنان دولة مستقلّة، وله الخيار”، من دون الإشارة إلى كلفة هذا الخيار.

لاحقاً، في حديثها إلى الصحافية الأميركية هادلي غامبل، بعد انتهاء زيارتها للبنان، ردّت مورغان أورتاغوس على سؤال عن تقدّم الحكومة اللبنانية في خطواتها كما هو مطلوب، قائلة: “نعم، ولا”.

بعدما شرحت الصعوبات الاقتصادية والمالية التي مرّت على لبنان، وسوء اقتصاد الكاش الذي سهّل الفساد والإرهاب، إضافة إلى انفجار المرفاً، ووجود “دويلة الحزب” وباقي الميليشيات، قالت: “رئيسا الجمهورية والحكومة مهتمّان بالتغيير، ونحن نشجّع على ذلك”، مع رهانها على “إقرار قوانين إصلاحية على رأسها قانون تعديل السرّيّة المصرفية وقانون إعادة هيكلة المصارف”، مشيرة إلى أنّ “رئيس الحكومة نوّاف سلام أعدّ “حكومة ممتازة”  excellent cabinet  من وزراء لا انتماء حزبيّاً لهم، وتعهّدوا بعدم الترشّح للانتخابات النيابية، وهم مجموعة من الخبراء في مجالاتهم. الحكومة تشتغل بسرعة على الملفّات الإصلاحية. لكن أنا قلت للرؤساء الثلاثة: لن تستطيعوا إثبات أنفسكم أمام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في اجتماعات نيسان إذا لم تتحصّنوا بالتشريعات اللازمة كي تثبتوا جدّيّتكم لأنّ الكلام فقط لا ينفع”.

IMF: أقِرّوا القوانين

كان لافتاً في هذا السياق، وبعدما وصلت رسائل أميركية مباشرة للرؤساء الثلاثة بأنّه في حال لم يُسعِف الوقت الدولة اللبنانية لإقرار قانونَي السرّيّة المصرفية، يمكن أقلّه الاكتفاء بإحالة الحكومة المشروعين إلى مجلس النوّاب كبادرة حسن نية ودليل على بدء التزام المسار المطلوب، وقد أكّد وزير المال ياسين جابر أمس أنّ “وفد صندوق النقد أبلغنا أنّه يفضّل إقرار القانونين الإصلاحيَّين في مجلس النواب، قبل التوجّه إلى اجتماعات صندوق النقد في واشنطن في 21 الجاري”.

هذا ما يعني مزيداً من الضغط الدولي سيفرض أوّلاً على الرئيس نبيه برّي الدعوة إلى جلسة تشريعية، ثمّ النقاش في قانونين لا توافق سياسيّاً وماليّاً ومصرفيّاً عليهما بعد. ومن نتائج هذا الضغط عقد مجلس الوزراء ثلاث جلسات، بدءاً من يوم أمس (ويومَي الجمعة والسبت)، لإقرار مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف.

في حديثها أيضاً، وصفت أورتاغوس “الحزب” بـ “السرطان”، حين سئلت عن وجهة نظر تقول بأنّ سحب سلاح “الحزب” بالقوّة سيقود إلى حرب أهلية، قائلةً: “حين يكون هناك سرطان يجب استئصاله لا معالجة جزء منه فقط”.

وزراء سلام

قد تكون أحد أكبر تحدّيات حكومة سلام وجود فريق لبنانيّ كبير يريحه فرض جدول زمني أميركي – دولي لسحب سلاح “الحزب”، ويستعجل صداماً أميركياً – إيرانياً يشكّل ضربة قاضية لمحور المقاومة في المنطقة، من ضمنه حزب القوات اللبنانية الذي خصّت أورتاغوس رئيسه بزيارة دون غيره من القيادات السياسية. في المقابل، لا يزال رئيس الجمهورية متمسّكاً بطرح “الحوار مدخلاً حتمياً لمسألة السلاح شمال الليطاني”.

يجد صدى هذا الموقف تردّدات له داخل الحكومة نفسها. فبعد تمارا الزين وطارق متري تعرّض وزير الثقافة غسّان سلامة لهجوم مباشر، بعد إطلالته التلفزيونية الأخيرة التي أكّد فيها أنّ “المهل، إذا وجدت، تسري على الطرفين (لبنان وإسرائيل)، ونحن لا نقبل بفرض المهل علينا من دولة مهما كانت عظمتها في العالم”.

المفارقة أنّ الهجوم صدر من أصوات قريبة من سلام ومؤيّدة للعهد، سيما مع دعوة سلامة “إلى تغيير المفهوم من نزع السلاح إلى بسط سلطة الدولة. وهذا الأمر يتحقّق بالجزء العسكري المتعلّق بالسلاح، وأيضاً بالجزء المدني من خلال إعادة الإعمار وإعادة الحياة إلى القرى المدمّرة في الجنوب”.

على الخطّ الوزاري أيضاً، لفت تصريح لوزير المهجّرين والذكاء الاصطناعي كمال شحادة، المحسوب على الفريق القوّاتي في الحكومة، أكّد فيه أنّ مجلس الوزراء كلّف المجلس الأعلى للدفاع بوضع خطط لسحب السلاح، لكنّ مصادر رسمية تنفي لـ “أساس” هذا الأمر، مؤكّدة أنّه لم يحصل.

ربط البعض موضوع التكليف بما أعلنه رئيس الجمهورية تكراراً في مسألة إقرار استراتيجية الأمن الوطني، ومن ضمنها الاستراتيجية الدفاعية، لكن لم يُرصد حتى الآن أيّ خطوة في هذا السياق، سيما أنّ الثنائي الشيعي يُسلّم بأن لا إمكان لخوض استحقاق الاستراتيجية الدفاعية قبل انسحاب إسرائيل الشامل من لبنان، وإعادة الأسرى، والالتزام الشامل باتّفاق وقف إطلاق النار. وأبلغ الرؤساء الثلاثة أورتاغوس، وفق المعلومات، عدم “الجهوزية” اللبنانية لترسيم الحدود، في ظل الضربات العسكرية الإسرائيلية المستمرّة، واحتلالها للمواقع الحدودية الخمسة.

ملاك عقيل -أساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا